بسم الله الرحمن الرحيم السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله ، وعلى آله وصحبه ومن اتبع هداه ، أما بعد
شرح الحديث القدسى الشريف من عادى لي ولياً فقد آذنته بالحرب....باب المجاهدة على مدونة فذكر
شرح العلامة الشيخ محمد بن صالح بن عثيمين رحمه الله
شرح أحاديث رياض الصالحين باب المجاهدة
الحديث رقم 96 باب المجاهدة
عن أبي هريرة ـ رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( إن الله تعالى قال: من عادى لي ولياً فقد آذنته بالحرب . وما تقرب إلى عبدي بشيء أحب إلى مما افترضت عليه ، وما يزال عبدي يتقرب إلى بالنوافل حتى أحبه، فإذا أحببته كنت سمعه الذي يسمع به، وبصره الذي يبصر به ويده التي يبطش بها ، ورجله التي يمشي بها ، وإن سألني لأعطينه ، ولئن استعاذني لأعيذنه ) رواه البخاري(50) .
( آذنته ) : أعلمته بأني محارب له : ( استعاذني ) روي بالنون وبالباء .
الشرح
نقل المؤلف ـ رحمه الله ـ عن أبي هريرة رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : ( قال الله تعالى : من عادى لي ولياً فقد آذنته بالحرب ) والمعاداة هي المباعدة ، وهي ضد الموالاة ، والولي بينه الله ـ عز وجل ـ في قوله: ( أَلا إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللَّهِ لا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ (62) الَّذِينَ آمَنُوا وكَانُواْ يتَقُونَ )(يونس :62-63) ، هؤلاء هم أولياء الله ، (الَّذِينَ آمَنُوا ) أي حققوا الإيمان في قلوبهم بكل ما يجب الإيمان به ، (وكَانُواْ يتَقُونَ ) أي حققوا العمل الصالح بجوارحهم ، فاتقوا جميع المحارم من ترك الوجبات ، أو فعل المحرمات ، فهم جمعوا بين صلاح الباطن بالإيمان ، وصلاح الظاهر بالتقوى ، هؤلاء هم أولياء الله.
وليست ولاية الله سبحانه وتعالى تأتي بالدعوى ، كما يفعله بعض الدجالين الذين يموهون على العامة بأنهم أولياء لله وهم أعداء والعياذ بالله ، فتجد في بعض البلاد الإسلامية أناساً يموهون للعامة ؛ يقولون : نحن أولياء ، ثم يفعل من العبادات الظاهرة ما يموه به على العامة وهو من أعداء الله ، لكنه يتخذ من هذه الدعوة وسيلة إلى جمع المال ، وإلى إكرام الناس له ، وإلى تقربهم إليه وما أشبه ذلك .
وعندنا ـ ولله الحمد ـ ضابط بينه الله عز وجل ، وتعريف بين للأولياء ( الَّذِينَ آمَنُوا وكَانُواْ يتَقُونَ) هؤلاء هم أولياء الله ، فالذي يعادي أولياء الله يقول الله ـ عز وجل ـ : ( فقد آذنته بالحرب ) ، يعني أعلنت عليه الحرب. فالذي يعادي أولياء الله محارب لله ـ عز وجل ـ نسأل الله العافية ، ومن حارب الله فهو مهزوم مخذول لا تقوم له قائمة .
ثم قال سبحانه وتعالى : ( وما تَقربَ إلى عبدي بشَيءٍ أَحبَ إليَّ ممّا افتَرضتُ عليه ) ، يعني أن الله يقول : ما تقرب إلي الإنسان بشيء أحب إلي مما افترضه عليه ، يعني أن الفرائض أحب إلى الله من النوافل ، فالصلوات الخمس مثلاً أحب إلى الله من قيام الليل ، وأحب إلى الله من النوافل ، وصيام رمضان أحب إلى الله من صيام الاثنين والخميس ، والأيام الست من شوال ، وما أشبهها . كل الفرائض أحب إلى الله من النوافل .
ووجه ذلك أن الفرائض وكدها الله عز وجل فألزم بها العباد ، وهذا دليل على شدة محبته لها عز وجل ، فلما كان يحبها حباً شديداً ألزم بها العباد ، وأما النوافل فالإنسان حر ؛ إن شاء تنفل وزاد خيراً ، وإن شاء لم يتنفل ، لكن الفرائض أحب إلى الله وأوكد ، والغريب أن الشيطان يأتي الناس ، فتجدهم في النوافل يحسنونها تماماً ؛ تجده مثلاً في صلاة الليل يخشع ولا يتحرك ، ولا يذهب قلبه يميناً ولا شمالاً ، لكن إذا جاءت الفرائض فالحركة كثيرة ، والوساوس كثيرة ، والهواجس بعيدة ، وهذا من تزيين الشيطان ، فإذا كنت تزين النافلة ؛ فالفريضة أحق بالتزيين ، فأحسن الفريضة لأنها أحب إلى الله عز وجل من النوافل .
( وما يزال عبدي يتقرب إلى بالنوافل حتى أحبه ) اللهم نسألك من فضلك . النوافل تقرب إلى الله وهي تكمل الفرائض ، فإذا أكثر الإنسان من النوافل مع قيامه بالفرائض ، نال محبة الله ، فيحبه الله ، وإذا أحبه فكما يقول الله ـ عز وجل ـ (كنت سمعه الذي سمع به وبصره الذي يبصر به ، ويده التي يبطش بها ، ورجله التي يمشي بها ) يعني أنه يكون مسدداً له في هذه الأعضاء الأربعة ؛ في السمع ، يسدده في سمعه فلا يسمع إلا ما يرضي الله . كذلك أيضاً بصره ، فلا ينظر إلا إلي ما يحب الله النظر إليه ، ولا ينظر إلي المحرم، ولا ينظر نظراً محرماً ؛ ويده ؛ فلا يعمل بيده إلا ما يرضي الله ، لأن الله يسدده ، وكذلك رجله ؛ فلا يمشي إلا إلى ما يرضي الله ، لأن الله يسدده ، فلا يسعى إلا إلى ما فيه الخير ، وهذا يعني قوله : (كنت سمعه الذي يسمع به ، وبصره الذي يبصر به ، ويده التي يبطش بها ، ورجله التي يمشي بها ) .
وليس المعنى أن الله يكون نفس السمع ، ونفس البصر ، ونفس اليد ، ونفس الرجل ـ حاشا لله ـ فهذا محال ، فإن هذه أعضاء وأبعاض لشخص مخلوق لا يمكن أن تكون هي الخالق ، ولأن الله تعالى أثبت في هذا الحديث في قوله: ( وأن سألني أعطيته ، ولئن استعاذ ني لأعيذنه ) فأثبت سائلاً ومسؤولاً ، وعائذاً ومعوذاً به ، وهذا غير هذا . ولكن المعنى أنه يسدد الإنسان في سمعه وبصره وبطشه ومشيه .
وفي قول سبحانه وتعالى في هذا الحديث القدسي: ( وإن سألني أعطيته ) دليل على أن هذا الولي الذي تقرب إلى الله تعالى بالفرائض ثم بالنوافل إذا سال الله أعطاه ، فكان مجاب الدعوة ، وهذا الإطلاق يقيد بالأحاديث الأخرى الدالة على أنه يعطي السائل سؤاله ما لم يسال إثماً أو قطيعة رحم ، فإن سال إثماً فإنه لا يجاب ، لكن الغالب أن الولي لا يسأل الإثم ، لأن الولي هو المؤمن التقي ، والمؤمن التقي لا يسأل إثماً ولا قطيعة رحم .
( ولئن استعاذ ني لأعيذنه ) يعني لئن اعتصم بي ولجأ إلى من شر كل ذي شر لأعيذنه ، فيحصل له بإعطائه مسئوله وإعاذته مما يتعوذ منه المطلوب ، ويزول عنه الموهوب .
وفي هذا الحديث عدة فوائد :
أولاً : إثبات الولاية له ـ عز وجل ـ وولاية الله تعالى تنقسم إلى قسمين : ولاية عامة ، وهي السلطة على جميع العباد ، والتصرف فيهم بما أراد . كل إنسان ؛ فإن الذي يتولى أموره وتدبيره وتصريفه هو الله عز وجل ، ومن ذلك قوله ـ تبارك وتعالى ـ ( حَتَّى إِذَا جَاءَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ تَوَفَّتْهُ رُسُلُنَا وَهُمْ لا يُفَرِّطُونَ (61) ثُمَّ رُدُّوا إِلَى اللَّهِ مَوْلاهُمُ الْحَقِّ ) (الأنعام:61،62) ، فهذه ولاية عامة تشمل جميع الخلق ، والولاية العامة تكون بغير سبب من الإنسان ، ويتولى الله الإنسان ، شاء أم أبى ، وبغير سبب منه .
أما الولاية الخاصة : مثل قوله تعالى : ( اللَّهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آمَنُوا يُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ وَالَّذِينَ كَفَرُوا أَوْلِيَاؤُهُمُ الطَّاغُوتُ يُخْرِجُونَهُمْ مِنَ النُّورِ إِلَى الظُّلُمَاتِ ) (البقرة:257) ، والولاية الخاصة تكون بسبب من الإنسان ، فهو الذي يتعرض لولاية الله حتى يكون الله ولياً له : ( الَّذِينَ آمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ)(يونس:63) .
ومن فوائد هذا الحديث :
فضيلة أولياء الله ، وأن سبحانه وتعالى يعادي من عاداهم ، بل يكون حرباً عليهم عز وجل .
ومن فوائد هذا الحديث :
أن الأعمال الواجبة من صلاة ، وصدقة ، وصوم ، وحج ، وجهاد ، وعلم ، وغير ذلك ؛ افضل من الأعمال المستحبة ؛ لأن الله تعالى قال : ( ما تقرب إلى عبدي بشيء احب إلى مما افترضت عليه ) .
ومن فوائده :
إثبات المحبة لله ـ عز وجل ـ ،وأن الله تعالى يحب الأعمال بعضها أكثر من بعض ، كما أنه يحب الأشخاص بعضهم أكثر من بعض ، فالله عز وجل يحب العاملين بطاعته ويحب الطاعة ، وتتفاوت محبته ـ سبحانه وتعالى ـ على حسب ما تقتضيه حكمته .
ومن فوائد هذا الحديث :
أن الإنسان إذا تقرب إلى الله بالنوافل مع القيام بالواجبات فإنه يكون بذلك معاناً في جميع أموره ؛ لقوله تعالى في الحديث القدسي: ( وما يزال عبدي يتقرب إلى بالنوافل حتى أحبه .. ) الخ .
وفيه : دليل أيضاً على أن من أراد أن يحبه الله فأمر سهل عليه إذا سهله عليه ، يقوم بالواجبات ويكثر من التطوع بالعبادات ، فبذلك ينال محبة الله ، وينال ولاية الله .
ومن فوائد هذا الحديث :
إثبات عطاء الله عز وجل ، وإجابة دعوته لوليه ، لقوله: ( إن سألني أعطيته ، ولئن استعاذ ني لأعيذنه )
وأتى به المؤلف في باب المجاهدة ؛ لأن النفس تحتاج إلى جهاد في القيام بالواجبات ، ثم بفعل المستحبات ، نسأل الله أن يعيننا على ذكره وشكره وحسن عبادته .
( آذنته ) : أعلمته بأني محارب له : ( استعاذني ) روي بالنون وبالباء .
الشرح
نقل المؤلف ـ رحمه الله ـ عن أبي هريرة رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : ( قال الله تعالى : من عادى لي ولياً فقد آذنته بالحرب ) والمعاداة هي المباعدة ، وهي ضد الموالاة ، والولي بينه الله ـ عز وجل ـ في قوله: ( أَلا إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللَّهِ لا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ (62) الَّذِينَ آمَنُوا وكَانُواْ يتَقُونَ )(يونس :62-63) ، هؤلاء هم أولياء الله ، (الَّذِينَ آمَنُوا ) أي حققوا الإيمان في قلوبهم بكل ما يجب الإيمان به ، (وكَانُواْ يتَقُونَ ) أي حققوا العمل الصالح بجوارحهم ، فاتقوا جميع المحارم من ترك الوجبات ، أو فعل المحرمات ، فهم جمعوا بين صلاح الباطن بالإيمان ، وصلاح الظاهر بالتقوى ، هؤلاء هم أولياء الله.
وليست ولاية الله سبحانه وتعالى تأتي بالدعوى ، كما يفعله بعض الدجالين الذين يموهون على العامة بأنهم أولياء لله وهم أعداء والعياذ بالله ، فتجد في بعض البلاد الإسلامية أناساً يموهون للعامة ؛ يقولون : نحن أولياء ، ثم يفعل من العبادات الظاهرة ما يموه به على العامة وهو من أعداء الله ، لكنه يتخذ من هذه الدعوة وسيلة إلى جمع المال ، وإلى إكرام الناس له ، وإلى تقربهم إليه وما أشبه ذلك .
وعندنا ـ ولله الحمد ـ ضابط بينه الله عز وجل ، وتعريف بين للأولياء ( الَّذِينَ آمَنُوا وكَانُواْ يتَقُونَ) هؤلاء هم أولياء الله ، فالذي يعادي أولياء الله يقول الله ـ عز وجل ـ : ( فقد آذنته بالحرب ) ، يعني أعلنت عليه الحرب. فالذي يعادي أولياء الله محارب لله ـ عز وجل ـ نسأل الله العافية ، ومن حارب الله فهو مهزوم مخذول لا تقوم له قائمة .
ثم قال سبحانه وتعالى : ( وما تَقربَ إلى عبدي بشَيءٍ أَحبَ إليَّ ممّا افتَرضتُ عليه ) ، يعني أن الله يقول : ما تقرب إلي الإنسان بشيء أحب إلي مما افترضه عليه ، يعني أن الفرائض أحب إلى الله من النوافل ، فالصلوات الخمس مثلاً أحب إلى الله من قيام الليل ، وأحب إلى الله من النوافل ، وصيام رمضان أحب إلى الله من صيام الاثنين والخميس ، والأيام الست من شوال ، وما أشبهها . كل الفرائض أحب إلى الله من النوافل .
ووجه ذلك أن الفرائض وكدها الله عز وجل فألزم بها العباد ، وهذا دليل على شدة محبته لها عز وجل ، فلما كان يحبها حباً شديداً ألزم بها العباد ، وأما النوافل فالإنسان حر ؛ إن شاء تنفل وزاد خيراً ، وإن شاء لم يتنفل ، لكن الفرائض أحب إلى الله وأوكد ، والغريب أن الشيطان يأتي الناس ، فتجدهم في النوافل يحسنونها تماماً ؛ تجده مثلاً في صلاة الليل يخشع ولا يتحرك ، ولا يذهب قلبه يميناً ولا شمالاً ، لكن إذا جاءت الفرائض فالحركة كثيرة ، والوساوس كثيرة ، والهواجس بعيدة ، وهذا من تزيين الشيطان ، فإذا كنت تزين النافلة ؛ فالفريضة أحق بالتزيين ، فأحسن الفريضة لأنها أحب إلى الله عز وجل من النوافل .
( وما يزال عبدي يتقرب إلى بالنوافل حتى أحبه ) اللهم نسألك من فضلك . النوافل تقرب إلى الله وهي تكمل الفرائض ، فإذا أكثر الإنسان من النوافل مع قيامه بالفرائض ، نال محبة الله ، فيحبه الله ، وإذا أحبه فكما يقول الله ـ عز وجل ـ (كنت سمعه الذي سمع به وبصره الذي يبصر به ، ويده التي يبطش بها ، ورجله التي يمشي بها ) يعني أنه يكون مسدداً له في هذه الأعضاء الأربعة ؛ في السمع ، يسدده في سمعه فلا يسمع إلا ما يرضي الله . كذلك أيضاً بصره ، فلا ينظر إلا إلي ما يحب الله النظر إليه ، ولا ينظر إلي المحرم، ولا ينظر نظراً محرماً ؛ ويده ؛ فلا يعمل بيده إلا ما يرضي الله ، لأن الله يسدده ، وكذلك رجله ؛ فلا يمشي إلا إلى ما يرضي الله ، لأن الله يسدده ، فلا يسعى إلا إلى ما فيه الخير ، وهذا يعني قوله : (كنت سمعه الذي يسمع به ، وبصره الذي يبصر به ، ويده التي يبطش بها ، ورجله التي يمشي بها ) .
وليس المعنى أن الله يكون نفس السمع ، ونفس البصر ، ونفس اليد ، ونفس الرجل ـ حاشا لله ـ فهذا محال ، فإن هذه أعضاء وأبعاض لشخص مخلوق لا يمكن أن تكون هي الخالق ، ولأن الله تعالى أثبت في هذا الحديث في قوله: ( وأن سألني أعطيته ، ولئن استعاذ ني لأعيذنه ) فأثبت سائلاً ومسؤولاً ، وعائذاً ومعوذاً به ، وهذا غير هذا . ولكن المعنى أنه يسدد الإنسان في سمعه وبصره وبطشه ومشيه .
وفي قول سبحانه وتعالى في هذا الحديث القدسي: ( وإن سألني أعطيته ) دليل على أن هذا الولي الذي تقرب إلى الله تعالى بالفرائض ثم بالنوافل إذا سال الله أعطاه ، فكان مجاب الدعوة ، وهذا الإطلاق يقيد بالأحاديث الأخرى الدالة على أنه يعطي السائل سؤاله ما لم يسال إثماً أو قطيعة رحم ، فإن سال إثماً فإنه لا يجاب ، لكن الغالب أن الولي لا يسأل الإثم ، لأن الولي هو المؤمن التقي ، والمؤمن التقي لا يسأل إثماً ولا قطيعة رحم .
( ولئن استعاذ ني لأعيذنه ) يعني لئن اعتصم بي ولجأ إلى من شر كل ذي شر لأعيذنه ، فيحصل له بإعطائه مسئوله وإعاذته مما يتعوذ منه المطلوب ، ويزول عنه الموهوب .
وفي هذا الحديث عدة فوائد :
أولاً : إثبات الولاية له ـ عز وجل ـ وولاية الله تعالى تنقسم إلى قسمين : ولاية عامة ، وهي السلطة على جميع العباد ، والتصرف فيهم بما أراد . كل إنسان ؛ فإن الذي يتولى أموره وتدبيره وتصريفه هو الله عز وجل ، ومن ذلك قوله ـ تبارك وتعالى ـ ( حَتَّى إِذَا جَاءَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ تَوَفَّتْهُ رُسُلُنَا وَهُمْ لا يُفَرِّطُونَ (61) ثُمَّ رُدُّوا إِلَى اللَّهِ مَوْلاهُمُ الْحَقِّ ) (الأنعام:61،62) ، فهذه ولاية عامة تشمل جميع الخلق ، والولاية العامة تكون بغير سبب من الإنسان ، ويتولى الله الإنسان ، شاء أم أبى ، وبغير سبب منه .
أما الولاية الخاصة : مثل قوله تعالى : ( اللَّهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آمَنُوا يُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ وَالَّذِينَ كَفَرُوا أَوْلِيَاؤُهُمُ الطَّاغُوتُ يُخْرِجُونَهُمْ مِنَ النُّورِ إِلَى الظُّلُمَاتِ ) (البقرة:257) ، والولاية الخاصة تكون بسبب من الإنسان ، فهو الذي يتعرض لولاية الله حتى يكون الله ولياً له : ( الَّذِينَ آمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ)(يونس:63) .
ومن فوائد هذا الحديث :
فضيلة أولياء الله ، وأن سبحانه وتعالى يعادي من عاداهم ، بل يكون حرباً عليهم عز وجل .
ومن فوائد هذا الحديث :
أن الأعمال الواجبة من صلاة ، وصدقة ، وصوم ، وحج ، وجهاد ، وعلم ، وغير ذلك ؛ افضل من الأعمال المستحبة ؛ لأن الله تعالى قال : ( ما تقرب إلى عبدي بشيء احب إلى مما افترضت عليه ) .
ومن فوائده :
إثبات المحبة لله ـ عز وجل ـ ،وأن الله تعالى يحب الأعمال بعضها أكثر من بعض ، كما أنه يحب الأشخاص بعضهم أكثر من بعض ، فالله عز وجل يحب العاملين بطاعته ويحب الطاعة ، وتتفاوت محبته ـ سبحانه وتعالى ـ على حسب ما تقتضيه حكمته .
ومن فوائد هذا الحديث :
أن الإنسان إذا تقرب إلى الله بالنوافل مع القيام بالواجبات فإنه يكون بذلك معاناً في جميع أموره ؛ لقوله تعالى في الحديث القدسي: ( وما يزال عبدي يتقرب إلى بالنوافل حتى أحبه .. ) الخ .
وفيه : دليل أيضاً على أن من أراد أن يحبه الله فأمر سهل عليه إذا سهله عليه ، يقوم بالواجبات ويكثر من التطوع بالعبادات ، فبذلك ينال محبة الله ، وينال ولاية الله .
ومن فوائد هذا الحديث :
إثبات عطاء الله عز وجل ، وإجابة دعوته لوليه ، لقوله: ( إن سألني أعطيته ، ولئن استعاذ ني لأعيذنه )
وأتى به المؤلف في باب المجاهدة ؛ لأن النفس تحتاج إلى جهاد في القيام بالواجبات ، ثم بفعل المستحبات ، نسأل الله أن يعيننا على ذكره وشكره وحسن عبادته .
الحمد لله رب العالمين
No comments
Post a Comment