تأمل في حال داود عليه السلام، ومن معه من المؤمنين لما برزوا لجالوت وجنوده أمام ذلك الحشد من الأعداء، العَدد والعُدد الجبابرة، قَالُواْأي: عباد الله المؤمنين، رَبَّنَا أَفْرِغْ عَلَيْنَا صَبْرًا وَثَبِّتْ أَقْدَامَنَا وَانصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ سورة البقرة:250
أمام هذا الجحفل من الأعداء، أمام هذا الجحفل من الطغاة، يدعو المؤمنون ربهم، ويلجأون إليه في الشدائد، والله إذا دعاه المضطر لا يخيبه: أَفْرِغْ عَلَيْنَا صَبْرًاإفراغ الشيء على الشيء يدل على تعميمه به؛ ولذلك فإنهم لم يقولوا: ارزقنا صبراً، ونحو ذلك وإنما قالوا: أَفْرِغْ عَلَيْنَا؛ لأنهم يحتاجون الصبر الآن، يحتاجون صبراً عظيماً، أَفْرِغْ عَلَيْنَا صَبْرًاالإفراغ صب الشيء الكثير، الإفراغ أَفْرِغْ عَلَيْنَامن أعلى إلى أسفل، إنزال تعميم شمول كثرة أَفْرِغْ عَلَيْنَافقه في الدعاء.
أَفْرِغْ عَلَيْنَا صَبْرًا وَثَبِّتْ أَقْدَامَنَا وَانصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ سورة البقرة:250
حسن الدعاء، والترتيب الجيد فيه، سألوا أولاً الصبر الذي يعم القلب والبدن: أَفْرِغْ عَلَيْنَا، ثم ثبات القدم المترتب على الصبر: وَثَبِّتْ أَقْدَامَنَا، فسألوا التثبيت الظاهر والباطن، ثم النصر المترتب عليهما، والنصر لا ينال إلا مع الصبر، والصبر مجلبة للمعونة، فتأمل الترتيب في هذا الدعاء: رَبَّنَا أَفْرِغْ عَلَيْنَا صَبْرًا ينزل في القلب، وَثَبِّتْ أَقْدَامَنَا نتيجة الصبر في القلب، وَانصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ سورة البقرة:250
ثبات القلب، وثبات البدن هو المهيئ للنصر، ولذلك سألوا ربهم هذا السؤال، وجعلوا فيه هذا الترتيب.
No comments
Post a Comment